القصة الثانية " سبب إسلام مازن بن العضوب "
وقال أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر حدثنا عبدالرحمن بن الحسن علي بن حرب حدثنا أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن عبدالله العماني قال كان منا رجل يقال له مازن بن العضوب يسدن صنما بقرية يقال لها سمايا من عمان وكانت تعظمه بنو الصامت وبنو حطامة ومهرة وهم أخوال مازن أمه زينب موزة عبدالله بن ربيعة بن خويص أحد بني نمران قال مازن فعترنا يوما عند الصنم عتيرة وهي الذبيحة فسمعت صوتا من الصنم يقول يا مازن اسمع تسر ظهر خير وبطن شر بعث نبي من مضر بدين الله الأكبر فدع نحيتا من حجر تسلم من حر سقر قال ففزعت لذلك فزعا شديدا ثم عترنا بعد أيام عتيرة أخرى فسمعت صوتا من الصنم يقول أقبل إلي أقبل تسمع ما لا تجهل هذا نبي مرسل جاء بحق منزل فآمن به كي تعدل عن حر نار تشعل وقودها الجندل قال مازن فقلت إن هذا لعجب وإن هذا لخير يراد بي وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت ما الخبر وراءك فقال ظهر رجل يقال له أحمد يقول لمن أتاه أجيبوا داعي الله فقلت هذا نبأ ما سمعت فثرت إلى الصنم فكسرته جذاذا وركبت راحلتي حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرح الله صدري للإسلام فأسلمت وقلت:
كســرت باجرا أجذاذا وكان لنا * ربا نطيف به ضلا بتضلا
فالهاشمي هدانا من ضلالتنا * ولم يكن دينه مني على بال
يا راكبا بلغن عمرا وأخوتها * إني لمن قال ربي باجر قالي
يعني يعمرو الصامت واخوتها حطامة فقلت يا رسول الله إني امرؤ مولع بالطرب وباللهو مع النساء وشرب الخمر وألحت علينا السنون فاذهبن الأموال واهزلن السراري وليس لي ولد فادع الله أن يذهب عني ما أجد ويأتينا بالحيا ويهب لي ولدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وبالإثم وبالعهر عفة وآته بالحيا وهب له ولدا قال فاذهب الله عني ما أجد واخصبت عمان وتزوجت أربع حرائر وحفظت شطر القرآن ووهب لي حيان بن مازن وأنشأ يقول:
إليك رسول الله خبت مطيتي * تجوب الفيافي من عمان إلى العــرج
لتشفع لي يا خير من وطىء الحصى * فيغفر لي ربي فأرجع بالفلـج
إلى معشر خالفت في الله دينهم * فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي
وكنت امرءا بالخمر والعهر مولعا * شبابي حتى آذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر خوفا وخشية * وبالعهر إحصانا فحصن لــــــي فرجي
فأصبحت همي في الجهاد ونيتي * فلله ما صومي ولله ما حجــــــــي
قال فلما أتيت قومي أنبوني وشتموني وأمروا شاعرا لهم فهجاني فقلت إن رددت عليه فإنما أهجو نفسي فرحلت عنهم فأتتني منهم زلفة عظيمة وكنت القيم بأمورهم فقالوا يا ابن عم عبنا عليك أمرا وكرهنا ذلك فإن أبيت ذلك فارجع وقم بأمورنا وشأنك وما تدين فرجعت معهم وقلت :
لبغضكم عندنا مر مذاقته * وبغضنا عندكم يا قومنا لبن
لا يفطن الدهر إن بثت معائبكم * وكلكم حين يثني عيبنا فطن
شاعرنا مفحم عنكم وشاعركم * في حدبنا مبلغ في شتمنا لسن
ما في القلوب عليكم فاعلموا وغر * وفي قلوبكم البغضاء والإحن
قال مازن فهداهم الله بعد إلى الاسلام جميعا
القصة الثالثة" حرم الزنا ومنع منا القرار"
وروى الحافظ أبو نعيم من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبدالله قال إن أول خبر كان بالمدينة بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة بالمدينة كان لها تابع من الجن فجاء في صورة طائر أبيض فوقع على حائط لهم فقالت له لم لا تنزل إلينا فتحدثنا ونحدثك وتخبرنا ونخبرك فقال لها إنه قد بعث نبي بمكة حرم الزنا ومنع منا القرار .
وقال الواقدي حدثني عبدالرحمن بن عبدالعزيز عن الزهري عن علي بن الحسين قال إن أول خبر قدم المدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان امرأة تدعى فاطمة كان لها تابع فجاءها ذات يوم فقام على الجدار فقالت ألا تنزل فقال لا إنه قد بعث الرسول الذي حرم الزنا .
وأرسله بعض التابعين أيضا وسماه بابن لوذان وذكر أنه كان قد غاب عنها مدة ثم لما قدم عاتبته فقال إني جئت الرسول فسمعته يحرم الزنا فعليك السلام .
وقال الواقدي حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قال قال عثمان بن عفان
خرجنا في عسير إلى الشام قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كنا بأفواه الشام وبها كاهنة فتعرضتنا فقالت أتاني صاحبي فوقف على بابي فقلت ألا تدخل فقال لا سبيل إلى ذلك خرج أحمد وجاء أمر لا يطاق ثم انصرفت فرجعت إلى مكة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة يدعو إلى الله عز وجل.
و قال الواقدي حدثني محمد بن عبدالله الزهري قال كان الوحي يسمع فلما كان الإسلام منعوا وكانت امرأة من بني أسد يقال لها سعيرة لها تابع من الجن فلما رأى الوحي لا يستطاع أتاها فدخل في صدرها فضج في صدرها فذهب عقلها فجعل يقول من صدرها وضع العناق ومنع الرفاق وجاء أمر لا يطاق وأحمد حرم الزنا .
القصة الرابعة " غلام من الجن "
وقال الحافظ أبو بكر الخرائطي حدثنا عبدالله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثنا عيسى بن يزيد عن صالح بن كيسان عمن حدثه عن مرداس بن قيس السدوسي قال حضرت النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت عنده الكهانة وما كان من تغييرها عند مخرجه فقلت يا رسول الله قد كان عندنا في ذلك شيء أخبرك أن جارية منا يقال لها الخلصة لم يعلم عليها إلا خيرا إذا جاءتنا فقالت يا معشر دوس العجب العجب لما أصابني هل علمتم إلا خيرا قلنا وما ذاك قالت إني لفي غنمي إذ غشيتني ظلمة ووجدت كحس الرجل مع المرأة فقد خشيت أن أكون قد حبلت حتى إذا دنت ولادتها وضعت غلاما أغضف له أذنان كأذني الكلب فمكث فينا حتى أنه ليلعب مع الغلمان إذ وثب وثبة وألقى إزاره وصاح بأعلى صوته وجعل يقول يا ويلة يا ويلة يا عولة يا عولة يا ويل غنم يا ويل فهم من قابس النار الخيل والله وراء العقبة فيهن فتيان حسان نجبة قال فركبنا وأخذنا للأداة وقلنا يا ويلك ما ترى فقال هل من جارية طامث فقلنا ومن لنا بها فقال شيخ منا هي والله عندي عفيفة الأم فقلنا فعجلها فأتى بالجارية وطلع الجبل وقال للجارية اطرحي ثوبك واخرجي في وجوههم وقال للقوم اتبعوا أثرها وقال لرجل منا يقال له أحمد بن حابس يا أحمد بن حابس عليك أول فارس فحمل أحمد فطعن أول فارس فصرعه وانهزموا فغنمناهم قال فابتنينا عليهم بيتا وسميناه ذا الخلصة وكان لا يقول لنا شيئا إلا كان كما يقول حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله قال لنا يوما يا معشر دوس نزلت بنوا الحارث بن كعب فركبنا فقال لنا أكدسوا الخيل كدسا أحشوا القوم رمسا أنفوهم غدية واشربوا الخمر عشية قال فلقيناهم فهزمونا وغلبونا فرجعنا إليه فقلنا ما حالك وما الذي صنعت بنا فنظرنا إليه وقد احمرت عيناه وانتصبت أذناه وانبرم غضبانا حتى كاد أن ينفطر وقام فركبنا واغتفرنا هذه له ومكثنا بعد ذلك حينا ثم دعانا فقال هل لكم في غزوة تهب لكم عزا وتجعل لكم حرزا ويكون في أيديكم كنزا فقلنا ما أحوجنا إلى ذلك فقال اركبوا فركبنا فقلنا ما تقول فقال بنو الحارث بن مسلمة ثم قال قفوا فوقفنا ثم قال عليكم بفهم ثم قال ليس لكم فيهم دم عليكم بمضرهم أرباب خيل ونعم ثم قال لا رهط دريد بن الصمة قليل العدد وفي الذمة ثم قال لا ولكن عليكم بكعب بن ربيعة وأسكنوها ضيعة عامر بن صعصعة فليكن بهم الوقيعة قال فلقيناهم فهزمونا وفضحونا فرجعنا وقلنا ويلك ماذا تصنع بنا قال ما أدري كذبني الذي كان يصدقني أسجنوني في بيتي ثلاثا ثم ائتوني ففعلنا به ذلك ثم أتيناه بعد ثالثة ففتحنا عنه فإذا هو كأنه حجرة نار فقال يا معشر دوس حرست السماء وخرج خير الأنبياء قلنا أين قال بمكة وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل فإني سوف أضطرم نارا وإن تركتموني كنت عليكم عارا فإذا رأيتم اضطرامي وتلهبي فاقذفوني بثلاثة أحجار ثم قولوا مع كل حجر بسمك اللهم فإني أهدى وأطفى قال وإنه مات فاشتعل نار ففعلنا به ما أمر وقد قذفناه بثلاثة أحجار نقول مع كل حجر بسمك اللهم فخمد وطفى وأقمنا حتى قدم علينا الحاج فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله غريب جدا .