القصة الخامسة " خرج أحمد "
وروى الواقدي عن أبيه عن ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن النضر بن سفيان الهذلي عن أبيه قال خرجنا في عير لنا إلى الشام فلما كنا بين الزرقا ومعان قد عرسنا من الليل فإذا بفارس يقول وهو بين السماء والأرض أيها النيام هبوا فليس هذا بحين رقاد قد خرج أحمد فطردت الجن كل مطرد ففزعنا ونحن رفقة حزورة كلهم قد سمع بهذا فرجعنا إلى أهلنا فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش في نبي قد خرج فيهم من بني عبدالمطلب اسمه أحمد ذكره أبو نعيم .
القصة السادسة " تنكس الصنم "
وقال الخرائطي حدثنا عبدالله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثني عبدالله بن العلاء حدثني يحيى بن عروة عن أبيه أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل وعبدالله بن جحش بن رئاب وعثمان بن الحويرث كانوا عند صنم لهم يجتمعون إليه قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا كانوا يعظمونه وينحرون له الجزور ثم يأكلون ويشربون الخمر ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوبا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب الثالثة فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك فقال عثمان بن الحويرث ماله قد أكثر التنكس إن هذا لأمر قد حدث وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عثمان يقول
أيا صنم العيد الذي صف حوله * صناديد وفد من بعيد ومن قرب
تنكست مغلــوبا فما ذاك قل لنا * أذاك ســـفيه أم تنكست للعتب
فإن كان من ذنب أتينــا فإننا * نبـــوء بأقرار ونلوي عن الذنب
وإن كنت مغلوبا ونكست صاغرا * فما أنت في الأوثان بالسيد الرب
قال فأخذوا الصنم فردوه إلى حاله فلما استوى هتف بهم هاتف من الصنم بصوت جهير وهو يقول
تردى لمولود أنارت بنوره * جميع فجاج الأرض في الشرق والغرب
وخرت له الأوثان طرا وأرعدت * قلوب ملوك الأرض طرا من الرعب
ونار جميع الفرس باخت وأظلمت * وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب
وصدت عن الكهان بالغيب جنهــــــــا * فلا مخبر عنهــــــم بحق ولا كذب
فيا لقصي ارجعوا عن ضلالكم * وهبوا إلى الإسلام والمنزل الرحب
قال فلما سمعوا ذلك خلصوا نجيا فقال بعضهم لبعض تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض فقالوا أجل فقال لهم ورقة بن نوفل تعلمون والله ما قومكم على دين ولقد اخطئوا الحجة وتركوا دين ابراهيم ما حجر تطيفون به لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين قال فخرجوا عند ذلك يضربون في الأرض ويسألون عن الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام فأما ورقة بن نوفل فتنصر وقرأ الكتب حتى علم علما وأما عثمان بن الحويرث فسار إلى قيصر فتنصر وحسنت منزلته عنده وأما زيد بن عمرو بن نفيل فأراد الخروج فحبس ثم إنه خرج بعد ذلك فضرب في الأرض حتى بلغ الرقة من أرض الجزيرة فلقي بها راهبا عالما فأخبره بالذي يطلب فقال له الراهب إنك لتطلب دينا ما تجد من يحملك عليه ولكن قد أظلك زمان نبي يخرج من بلدك يبعث بدين الحنيفية فلما قال له ذلك رجع يريد مكة فغارت عليه لخم فقتلوه وأما عبدالله بن جحش فأقام بمكة حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج مع من خرج إلى أرض الحبشة فلما صار بها تنصر وفارق الإسلام فكان بها حتى هلك هنالك نصرانيا .
القصة السابعة " إسلام عباس بن مرداس "
وقد قال الخرائطي حدثنا أحمد بن اسحاق بن صالح أبو بكر الوراق عن ،،، عن العباس بن مرداس أنه كان يعر في لقاح له نصف النهار إذ طلعت عليه نعامة بيضاء عليها راكب عليه ثياب بياض مثل اللبن فقال يا عباس بن مرداس ألم تر أن السماء قد كفت أحراسها وأن الحرب تجرعت أنفاسها وأن الخيل وضعت أحلاسها وأن الذي نزل بالبر والتقوى يوم الإثنين ليلة الثلاثاء صاحب الناقة القصوى.
قال فرجعت مرعوبا قد راعني ما رأيت وسمعت حتى جئت وثنا لنا يدعى الضماد وكنا نعبده ونكلم من جوفه فكنست ما حوله ثم تمسحت به وقبلته فإذا صائح من جوفه يقول:
قل للقبائل من سليم كلهــــا * هلك الضماد وفاز أهل المسـجد
هـــــلـك الضماد وكان يعبد مرة * قبل الصلاة مع النبي محمد
إن الـذي ورث النبوة والهدى * بعد ابن مريم من قريش مهتد
قال فخرجت مرعوبا حتى أتيت قومي فقصصت عليهم القصة وأخبرتهم الخبر وخرجت في ثلاثمائة من قومي بني حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة فدخلنا المسجد فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي يا عباس كيف كان اسلامك فقصصت عليه القصة قال فسر بذلك وأسلمت أنا وقومي ورواه الحافظ أبو نعيم في الدلائل من حديث أبي بكر بن أبي عاصم عن عمرو بن عثمان به ثم رواه أيضا من طريق الأصمعي حدثني الوصافي عن منصور بن المعتمر عن قبيصة بن عمرو بن اسحاق الخزاعي عن العباس بن مرداس السلمي قال أول اسلامي أن مرداسا أبى لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال ضماذ فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم مرة فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم سمعت صوتا مرسلا في جوف الليل راعني فوثبت إلى ضماد مستغيثا وإذا بالصوت من جوفه وهو يقول:
قل للقبيلة من سليم كلها * هلك الأنيس وعاش أهل المسجـد
أودى ضماد وكان يعبد مرة * قبل الكتـــــــاب إلى النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى * بعد ابن ـمريم من قريش مهتد
قال فكتمته الناس فلما رجع الناس من الأحزاب بينا أنا في ابلي بطرف العقيق من ذات عرق راقدا سمعت صوتا وإذا برجل على جناح نعامة وهو يقول النور الذي وقع ليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في ديار اخوان بني العنقاء فأجابه هاتف من شماله وهو يقول:
بشر الجن وابلاسها * إن وضعت المطي أحلاسها
وكلأت السماء أحراسها
قال فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل فركبت فرسي واحتثثت السير حتى انتهيت إليه فبايعته ثم انصرفت إلى ضماد فأحرقته بالنار ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشدته شعرا أقول فيه:
لعمرك أنـــي يـــــــوم أجعل جاهلا * ضمــــــــادا لرب العالمين مشاركا
وتركي رســــــول الله والأوس حوله * أولئــــــــــك أنصار له ما أولئكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي * ليسلك في وعث الأمور المسالكا
فآمنت بالله الذي أنا عبــــــــــــــــده * وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجهت وجهي نحو مكة قاصـــدا * أبايـــــــــع نبي الأكرمين المباركا
نبي أتانا بعد عيسى بناطـــــــــق * من الحق فيــــــه الفصل فيه كذلكا
أمين على القـــــــــرآن أول شافع * وأول مبعوث يجــــــــيب الملائكا
تلافى عرى الإسلام بعد انتقاضها * فأحكمها حتى أقام المناسكا
عنيتك يا خير البرية كلها * توسطت في الفرعين والمجد مالكا
وأنت المصفى من قريش إذا سمت * على ضمرها تبقى القرون المباركا
إذا انتسب الحيان كعب ومالك * وجدناك محضا والنساء العواركا
القصة الثامنة " سبب اسلام رجال من خثعم "
قال الخرائطي وحدثنا عبدالله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثنا اسحاق بن بشر وسلمة بن الفضل عن محمد بن اسحاق حدثني شيخ من الأنصار يقال له عبدالله بن محمود من آل محمد بن مسلمة قال بلغني أن رجالا من خثعم كانوا يقولون ان مما دعانا إلى الإسلام انا كنا قوما نعبد الأوثان فبينا نحن ذات يوم عند وثن لنا إذ أقبل نفر يتقاضون إليه يرجون الفرج من عنده لشيء شجر بينهم إذ هتف بهم هاتف يقول
يا أيها الناس ذوو الأجسام * من بين أشياخ إلى غلام
ما أنتم وطائش الأحلام * ومسند الحكم إلى الأصنام
أكلكم في حيرة نيام * أم لا ترون ما الذي أمامي
من ساطع يجلو دجى الظلام * قد لاح للناظر من تهام
ذاك نبي سيد الأنام * قد جاء بعد الكفر بالإسلام
أكرمه الرحمن من إمام * ومن رسول صادق الكلام
أعدل ذي حكم من الأحكام * يأمر بالصلاة والصيام
والبر والصلات للأرحام * ويزجر الناس عن الآثام
والرجس والأوثان والحرام * من هاشم في ذروة السنام
مستعلنا في البلد الحرام
قال فلما سمعنا ذلك تفرقنا عنه وآتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمنا