القصة السابعة عشر " رؤيا رقيقة موزة أبي صيفي "
وعن رقيقة موزة أبي صيفي بن هاشم قالت: تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع وأدقت العظم،فبينا أنا راقدة الهم - أو مهمومة - إذا هاتف يصرخ صوت صحل (الصحل: بالتحريك: كالبحة وأن لا يكون حاد الصوت) يقول: يا معشر قريش إن هذا النبي مبعوث قد أظلتكم أيامه وهذا أبّان نجومه فحي هلا بالحيا والخصب ألا فانظروا رجلاً منكم وسيطاً عظيماً جساماً أبيض وضاء أوطف (أي: في شعر أجفانه طول) أهدب سهل الخدين أشم العرنين له فخر يكظم عليه وسنة يهدي إليه فليخلص هو وولده وليهبط إليه من كل بطن رجل فليشنوا (شن عليه الماء أي رشه) من الماء وليمسوا من الطيب وليستلموا الركن ثم ليرقوا أبا قبيس ثم ليدع الرجل وليؤمن القوم فغثتم ما شئتم فأصبحت علم الله فاقشعر جلدي ووله عقلي واقتصصت رؤياي ونمت في شعاب مكة فوالحرمة والحرم ما بقي بها أبطحي إلا قال: هذا شيبة الحمد وتناهت إليه رجالات قريش وهبط إليه من كل بطن رجل فشنوا ومشوا واستلموا ثم ارتقو أبا قبيس واصطفوا حوله ما يبلغ سعيهم مهله حتى إذا استووا بذروة الجبل قام عبد المطلب ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام قد أيفع أو كرب فرفع يديه وقال:
"اللهم ساد الخلة كاشف الكربة أنت معلم غير معلم ومسؤول غير مبخل وهذه عبيدك وإماؤك وبعذرات حرمك يشكون إليك سنتهم أذهبت الخف والظلف اللهم فأمطر علينا غيثاً مغدقاً مريعاً". فورب الكعبة ما راحوا حتى تفجرت السماء بمائها واكتظ الوادي يثجيجه (أي امتلأ بسيله) فسمعت شيخان قريش وجلتها عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية وهشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب: هنيئا لك أبا البطيحاء وفي ذلك تقول رقيقة موزة أبي صيفي:
شـيبة الحمد أسقى الله بلدتنـــا * وقـد فقدنـا الحيـا واجلوذ المطر
جـاد بالمـاء جونيّ له ســــبل * سحـا فعاشت به الأنعـام والشجر
منـا من الله بالميمـون طـائره * وخير من بشرت يومـاً به مضر
مبـارك الأمر يستسقى الغمام به * ما في الأنـام له عدل ولا خطر
رواه الطبراني في الكبير وفيه زحر بن حصن قال الذهبي: لا يعرف.
القصة الثامنة عشر " محمدا المبعوث "
الجعد بن قيس المرادي الشاعر أحد بني غطيف روى حديثه أبو سعد النيسابوري في كتاب شرف المصطفى قال قال الجعد بن قيس وكان قد بلغ مائة سنة خرجنا أربعة نفر نريد الحج في الجاهلية فمررنا بواد من أودية اليمن فلما أقبل الليل استعذنا بعظيم الوادي وعقلنا رواحلنا فلما هدأ الليل ونام أصحابي إذا هاتف من بعض أرجاء الوادي يقول:
ألا أيها الركب المعرس بلغوا * إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما
محمدا المبعوث منا تحية * تشيعه من حديث ســـــــــار ويمما
وقولوا له إنا لدينك شعية * بذلك أوصانا المسيح بـن مريما
فذكر الحديث بطوله وفيه قصة إسلامه.
القصة التاسعة عشر " يا خرقاء يا خرقاء"
عن العباس بن أبي راشد عن أبيه قال نزل بنا عمر بن عبدالعزيز فلما رحل قال لي مولاي اركب معه فشيعه قال فركبت فمررنا بواد فإذا نحن بحية ميتة مطروحة على الطريق فنزل عمر فنحاها وواراها ثم ركب فبينا نحن نسير إذا هاتف يهتف وهو يقول يا خرقاء يا خرقاء فالتفتنا يمينا وشمالا فلم نر أحدا فقال له عمر أنشدك الله أيها الهاتف إن كنت ممن يظهر إلا ظهرت لنا وإن كنت ممن لم يظهر أخبرنا عن الخرقاء قال هي الحية التي لقيتم بمكان كذا وكذا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها يوما يا خرقاء تموتين بفلاة من الأرض يدفنك خير مؤمن من أهل الأرض فقال له عمر أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا فتعجب عمر وانصرفنا.
القصة العشرون " إسلام العوام بن جهيل "
العوام بن جهيل بجيم مصغرا الهمداني ثم المسلمي سادن يغوث ذكره أبو أحمد العسكري عن بن دريد في الأخبار المنثورة من طريق هشام بن الكلبي قال كان العوام يحدث بعد إسلامه قال كنت أسمر مع جماعة من قومي فإذا أوى أصحابي إلى رحالهم بت أنا في بيت الصنم فقمت في ليلة ذات ريح وبرق ورعد فلما انهار الليل سمعت هاتفا من الصنم يقول ولم أكن سمعت منه كلاما قبل ذلك يا بن جهيل حل بالأصنام الويل هذا نور سطع من الأرض الحرام فودع يغوث بالسلام قال فألقى الله في قلبي البراءة من الأصنام فكتمت قومي ما سمعت فإذا هاتف يقول:
هل تسمعن القول يا عوام * أم قد صممت عن مدى الكلام
قد كشـــــفت دياجر الظلام * وأصفـــق الناس على الإسلام
فقلت
يا أيها الهاتف بالنــــوام * لست بــــــــــــذي وقر عن الكلام
فبين عن سنة الإسلام
قال وما كنت والله عرفت الإسلام قبل ذلك فأجابني يقول:
ارحل على اسم الله والتوفيق * رحلة لا وان ولا مشيق
إلى فريق خير ما فريق * إلى النبي الصادق المصدوق
فرميت الصنم وخرجت أريد النبي صلى الله عليه وسلم فصادفت وفد همدان يدور بالنبي صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه فأخبرته خبري فسر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال أخبر المسلمين وأمرني النبي صلى الله عليه وسلم بكسر الأصنام فرجعت إلى اليمن وقد امتحن الله قلبي بالإسلام وقلت في ذلك
ومن مبلغ عنا شآمي قومنا * ومن حل بالأجواف سرا وجهرا
بأنا هداها الله للحق بعــــدما * تهـــــــــــــود منا حائر وتنصرا
وأنا برئنا من يغوث وقربه * يعوق وتابــــــعناك يا خير الورى
القصة الحادية والعشرون " إسلام فدفد البكري "
6964 فدفد بن خنافة البكري ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب له فقال قدم فدفد بن خنافة البكري على أبي سفيان مكة وكان فدفد فاتك بني بكر فاتفق مع أبي سفيان على قتل النبي صلى الله عليه وسلم بعشرين ناقة ودفع إليه خنجرا مسموما قال فدفد فرحت من عند أبي سفيان وانا نشوان فلما صحوت فكرت في عظيم ما اقدمت عليه فسرت حتى إذا كنت بالروحاء في ليلة مظلمة ما أرى موضع اخفاف الناقة فلاح لي وميض البرق وإذا بهاتف من جوف الوادي يقول:
رسول اتى من عند ذي العرش صادقا * على طرق الخيرات للناس واقف
فظننته بعض السيارة وقصدت الصوت فلما بلغت موضعه تسمعت فلا حس فقف شعري وعلمت انه بعض الجن فأنشأت أقول:
لك الخير قد اسمعتني قول هاتف * ونبهت حوسا قلبه غير خائف
فاجابني وكأنه تحت ناقتى:
لحا الله أقواما أرادوا محمدا * بسوء ولا اسقاهم صوب ماطر
عكوفا على الأوثان لا يتركونا * وقد أم دين الله أهل البصائر
فمضيت لوجهي وفي ما سمعت فأصبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله سلم في بني عبدالأشهل يتحدث وقد أخبرهم عن كل ما اتفق وقال سيطلع عليكم الآن فلا تهيجوه وكنت لا اعرفه فقلت لصبي أين هو محمد القرشي الذي قدم عليكم فنظر إلى متكرها وقال ويلك ثكلتك أمك لولا انك غريب جاهل لأمرت بقتلك الا تقول أين رسول الله هو ذاك عند النخلة العوجاء عند اصحابه فائته فإنك إذا رأيته اكبرته وشهدت بتصديقه وعلمت انك لم تر قبله مثله قال فنزلت عن راحلتي ثم اتيته فأخبرني بما اتفق لي مع أبي سفيان ومع الهاتف ثم دعاني إلى الإسلام فأسلمت وهو القائل:
الا ابلغا صخر بن حرب رسالة * بأني رأيت الحق عند بن هاشم
رأيت امرأ يدعو إلى البر والتقي * عليما بأحكام الهدي غير ظالم
فأخبرني بالغيب عما رأيتـــه * واسررته من معشر في مكاتـــــــم
القصة الثانية والعشرون " هاتف بأبي جعفر "
وذكر عن محمد بن عبدالله مولى بنى هاشم قال أخبرنى رجل من العلماء وأهل الادب قال هتف بأبى جعفر هاتف من قصره بالمدينة فسمعه يقول :
أما ورب الســـــــــــكون والحـــرك إن المنايا كثيرة الشـــــــــرك
عليك يا نفس إن أســـــــــــأت وإن أحسنت بالقصـــــد كل ذاك لك
ما اختلف الليل والنهـــــــــــار ولا دارت نجوم السماء في الفلك
إلا بنقل السلطان عـــن مـــــــــلك إذا انقضى ملكــــــه إلى ملك
حتى يصيرانــــه إلى مــــــــــــــلك ما عز سلطانه بمشتــــــــرك
ذاك بديع السماء والارض والمر سى الجبال المسخر الفــــلك
فقال أبوجعفر هذا والله أو ان أجلى - وذكر عبدالله بن عبيدالله أن عبدالعزيز بن مسلم حدثه أنه قال دخلت على المنصور يوما أسلم عليه فإذا هو باهت لا يحير جوابا فوثبت لما أرى منه أريد الانصراف عنه فقال لى بعد ساعة إنى رأيت فيما يرى النائم كأن رجلا ينشدنى هذه الابيات :
أأخى أخفض من مناكا فكأن يومك قد أتاكـــــا
ولقد أراك الدهر مــــن تصريفه ما قد أراكــــا
فإذا أردت الناقــص ال عبد الذليل فأنت ذاكـــا
ملكت ماملكـــــــــــــــته والامر فيه إلى سواكا
فهذا الذى ترى من قلقى وغمى لما سمعت ورأيت فقلت خيرا رأيت يا أمير المؤمنين
فلم يلبث إلى أن خرج إلى الحج فمات لوجهه ذاك .
القصة الثالثة والعشرون " نعي أهل الحر "
وقد روى ابن عساكر فى ترجمة أحمد بن عبد الصمد من تاريخه من كتاب المجالسة لأحمد بن مروان المالكى ثنا الحسين بن الحسن اليشكرى ثنا الزيادى عن الأصمعى ح وحدثنى محمد ابن لحارث عن المدائنى قال لما قتل أهل الحرة هتف هاتف بمكة على أبى قبيس مساء تلك الليلة وابن الزبير جالس يسمع
والصائمون القانتون * أولوا العبادة والصلاح
المهـتدون المحسـنون * السابقون إلى الفلاح
ماذا بواقـم والبقيـــع * من الجحاجحة الصباح
وبقاع يثرب ويحهنــن * من النوادب والصياح
قتل الخيار بنوا الخيار* ذوى المهابة والسماح
فقال ابن الزبير يا هؤلاء قتل أصحابكم فانا لله وإنا إليه راجعون
القصة الرابعة والعشرون " اسلام زمل بن عمرو "
عن زمل بن عمرو العذرى قال: كان لبني عذرة صنم يقال له حمام، وكان سادنه رجلا يقال له طارق، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم سمعنا صوتا: يا بني هند بن حرام! ظهر الحق وأودى حمام، ودفع الشرك الإسلام؛ ففزعنا لذلك وهالنا، فمكثنا أياما ثم سمعنا صوتا وهو يقول: يا طارق، يا طارق! بعث النبي الصادق، بوحي ناطق، صدع صادع بأرض تهامة، لناصريه السلامة، ولخاذليه الندامة، هذا الوداع مني إلى يوم القيامة، فوقع الصنم لوجهه. قال زمل: فابتعت راحلة ورحلت حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع نفر من قومي وأنشدته شعرا قلته:
إليك يا رســـول الله أعملت نصها * أكلفها حزنا وقوزا من الرمل
لأنصر خير النـاس نصرا مؤزرا * وأعقد حبلا من حبالك في حبلي
وأشــهد أن الـلـــه لا شيء غيره * أدين له ما أثقلت قــدمي نعلي
قال: فأسلمت وبايعت وأخبرناه بما سمعنا، فقال: ذلك من كلام الجن، ثم قال: يا معشر العرب! إني رسول الله إلى الأنام كافة، أدعوهم إلى عبادة الله وحده وأني رسوله وعبده، وأن تحجوا البيت، وتصوموا شهرا من اثني عشر شهرا وهو شهر رمضان، فمن أجابني فله الجنة نزلا وثوابا، ومن عصاني كانت النار منقلبا. قال: فأسلمنا وعقد لنا لواء وكتب لنا كتابا نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله لزمل بن عمرو ومن أسلم معه خاصة إني بعثته إلى قومه عامة، فمن أسلم ففي حزب الله ورسوله، ومن أبى فله أمان شهرين. شهد علي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة الأنصاري.