الإستجابة للغريزة الجنسية
إن الإسلام العظيم يوصي المسلمين بالاستجابة للغريزة الجنسية
وممارسة ميولهم الغريزية حسب منهج سليم، وعلى أي حال فالأمر الذي
لا خلاف فيه هو أن الإنسان يشعر بارتياح شديد عندما يستجيب
لميوله، وهذا الشعور بالارتياح هو الذي يعبر عنه باللذة.
وبالرغم من وجود المشاكل العديدة في طريق تحقيق اللذة فإن البشر
لا يقتنع ? لا يقف عند حد في السعي وراء رغباته الغريزية.
إن الإسلام لا يكتفي بالموافقة على الإستجابة للرغبات الفطرية
فحسب بل يعتبر ذلك من شؤون تحصيل السعادة البشرية، إلاّ أن إرضاء
الغرائز والاستجابة لها مسموح في نظره إلى حيث لا يؤدي إلى
الشقاء والفساد، والإسلام يعتبر إرضاء الميول الغريزية للبشر
أمراً محبذاً ويهتم بذلك على أنه من فروع السعادة البشرية، أما
أن يعتبرها أصلاً في ذلك فلا، إذ أن الذي يغرق في الملاذ المادية
ويحصر نفسه في سجن الشهوة والغرائز فقط يكون قد حاد عن الفطرة
الإنسانية السليمة التي تأبى هذا النوع من الحياة، وإنما هي حياة
البهائم والميوعة، حياة المدنية الحديثة التي قد سدت على الناس
أبصارهم ومسامعهم وصورت لهم أن معنى الإنسانية هو الانتفاع من
اللذة أكثر وكأن ليس للإنسان هدف غير ذاك، فالكل يفكر في
كيفية الحصول على مسكن أحسن ومركب أجمل ومقام أرفع ويجدّون في أن
يعرفوا أي السبل تدر عليهم ثروة أكثر كي يتمكنوا من ممارسة
شهواتهم بصورة أوسع وتسعى شركات الأفلام السينمائية دوماً في
سبيل إخراج أفلام أكثر تهييجاً، ورقصات أشد إثارةً، لتتمكن من
إرضاء شهوات الناس إلى أبعد مدى ممكن وبذلك لتحصل على أرباح
أكثر، وفي المقابل يقل اجتماع الناس في المساجد ومجالس الذكر،
تعساً لك من زمن يحترم فيك الرجل الثري ويستهزأ فيك بالرجل
المؤمن....... تعساً لك من زمن جعلت الناس تشجع وتصفق لنجمة
سينمائية تمكنت من إرضاء أصحاب الأهواء والنزوات بخروجها عارية
أمامهم.
إن قضية تجنب عبادة الهوى وتعديل الرغبات النفسية ليس واجباً
إسلامياً مؤكداً فحسب بل أن ضرورة تحديد الميول الداخلية هو مبدأ
حتمي لا يمكن التخلف عنه من النواحي العقلية والعلمية والتربوية
والأخلاقية والصحية والإجتماعية ومن ناحية الضرورة الحياتية
إن موضوع إرضاء الغريزة الجنسية من الموارد التي فسح للأفراد في
دنيا الغرب الحرية المطلقة في ممارستها، ولذا نجد الكثير من
الشبان والفتيات في تلك الدول يصابون بالإفراط على أثر الحرية
المطلقة الممنوحة لهم، فينزلون إلى هوة الإنحراف والفساد عند
إشباعهم للغريزة الجنسية.....وهذا ما يتضمن بين طياته المفاسد
الكثيرة للأمة والدولة، ولا تقف أضرار الحرية المفرطة للناس في
إتباع غرائزهم الجنسية عند حد انهيار أساس الأسرة بل تلوث النسل
وتزيد في الإنحرافات الجنسية المختلفة، والإنتحارات الناشئة من
الإخفاق في الحب والغرام واضطراب الأسس الخلقية.
أما نحن فلكي نكون أحراراً من ذلك لابد من الإنتباه إلى أن
النقطة الجديرة بالإهتمام هي أن الشهوة يجب أن تكون مسخرة
للإنسان لا أن يكون الإنسان مسخراً لشهوته، ولكن كيف يكون ذلك؟:
بالعفة الجنسية التي يتعهدها الإنسان بتنميتها في نفسه أو فيمن
يربيه بحسب الأساليب التربوية الصحيحة، فبوضع الرقابة على هذه
الغريزة تقف العفة كسد محكم في قبال ثورانها وتمنع من الإنزلاق
في الوادي السحيق الذي لا بطن له، وأما الأفراد المحرومين من
هذه الفضيلة السامية فإنهم معرضون للسقوط والإنهيار في كل لحظة،
ولو لم تكن العصمة موجودة في يوسف (على نبينا وآله وعليه أفضل
الصلاة والسلام) ولو لم تكن تلك الإرادة القوية في كوامن نفسه
لمال إلى تلك المرأة، إن نبي الله يوسف عليه السلام بالرغم من
إرادته القوية تلك فقد قال بعد أن رأى نفسه وسط تلك النساء
المغرمات به واللائي قطعن أيديهن من شدة تولههن به { وإلاّ تصرف
عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين } ومعنى الجهل هنا
هو: غلبة الغريزة على العقل، والآية تفهمنا بأن الغريزة الجنسية
لها حساب غير حساب باقي الغرائز، وأن الإسلام فتح لها حساباً
خاصاً بها وباقي الغرائز في حساب آخر، وأن هذا الحساب الخاص
يرتبط بمسألة مهمة وحساسة ألا وهي مسألة دفع خطر هذه الغريزة
بعيداً عن التنكر لها أو رفعها بشكل كلي ? وأن هذا الدفع جاء من
أجل ألاّ تثور هذه الشهوة فتدمر الأخضر واليابس، لذا حث الإسلام
العظيم على عدم مد النظر صوب ما حرم الله، وكما تعلمون أن النظر
إلى الأجنبية بشهوة يهيج الغريزة الجنسية ويؤدي بصاحبها إلى حيث
لا تحمد عقباه ولذا حرم الإسلام النظر بشهوة إلى ما حرم الله
النظر إليه، لأن ذلك النظر يتفاقم شيئاً فشيئاً فيضحى عشقاً أسوأ
من السرطان الساري، وحرم الإسلام أيضاً على المرأة أشياء تدخل في
تهيج شهوة الرجل، وتذهب بعقله ولبه وهي: التحدث بغنج، أو المشي
بدلال، أو ارتداء الملابس المبتذلة الخليعة، أو محاولة إطالة
الأحاديث مع الرجال، والنظر في صميم عيونهم، وما إلى ذلك من
الأعمال التي تدخل في إثارة غريزة الرجل الجنسية.
إن ما نراه اليوم من عقد في مجتمعنا الإسلامي ترجع في أساسها إلى
إغفال الشباب سنوات المراهقة التي كان ينبغي أن تستثمر في الحلال
دون الحرام.