للمطلقات ..كل ما قد فات فات ....وكل ما هو آتٍ آت
أنا امرأة في العقد الثالث من العمر ناجحة في العمل والحمد لله، وعلاقاتي الاجتماعية ممتازة، ومتمسكة بديني وحجابي، ولكنني في أحيان كثيرة أشعر بالنقص من عدم وجود زوج لي أستطيع أن أتشارك معه هذه الحياة، وأشعر بالحب والعاطفة التي لم أجدها في زواجي السابق ...
فقد ارتبطت سابقا برجل تحت ضغط الأهل، ولم أستطع أن أرفض. وقد عانيت مع هذا الرجل كثيرا، ومع ذلك استمر أهلي بالضغط عليّ للبقاء معه حتى تمردت في النهاية بعد عشر سنوات من الزواج والهم وأصررت على الطلاق واستطعت أن أكسب نفسي وصحتي ....
شعرت بعد الطلاق أن نفسيتي أصبحت ممتازة، ومعنوياتي رائعة، وقد شعر أهلي بخطئهم واعتذروا مني وتأكدوا أن ذلك الرجل لم يكن يناسبني.
إنني الآن رغم كل النجاح الذي أنا فيه فإنني في داخلي أشعر بالرغبة في أن أرتبط بشخص يقدرني لشخصي، وليس لأنه يريد امرأة فقط، ولكنني لم أعثر عليه إلى الآن، وأرى أن العمر يمضي وفرص الزواج تقل، خاصة مع كوني مطلقة على الرغم أنني لم أرزق بأطفال، وأفكر دوما لو تقدم بي العمر فمن سيرعاني ومن سيكون بجانبي.
وما زال بداخلي حقد على زوجي السابق؛ لأنه امتص شبابي وأضاع حياتي، دعوت الله كثيرا أن يرزقني الزوج الصالح، ولكنني أبقى دائما خائفة أن يتكرر مصيري السابق، وأن أفشل في الزواج للمرة الثانية.
إني أعيش في قلق وحيرة، بين رغبتي العميقة في الارتباط مع شخص أحبه وأقتنع به، وبين خوفي وترددي من أن يتكرر مصيري مرة أخرى.
الجواب
أنت تعيشين في نعمة يا عزيزتي يحسدك عليها كثير من النساء، وهي نعمة الحرية والخلاص من زوج قاهر متجبر، فكم من النساء يتمنين لو تمكنّ من طلب الطلاق، ولكن يمنعهن أنهن لن يجدن المورد الذي يعشن منه ولا الأهل الذين يتفهمونهن ولا العلاقات الاجتماعية الممتازة التي تتمتعين بها ...
لكن المشكلة يا أختي العزيزة -وهي ليست لديك فقط بل لدى الكثيرين منا- تكمن في شيئين هما: العيش في الماضي، والخوف من المستقبل.
أولا: تذكر الماضي، فأسأل: كيف نستطيع أن نستمتع بالحاضر الجميل إذا كنا ما نزال نعيش بالماضي الأليم؟
لماذا لا نمسح جراحات الماضي من أعماقنا؟ لماذا لا ننفض الغبار العفن من ذاكرتنا؟ لماذا لا نخرج المعاناة القاسية من أرواحنا؟ كيف يمكن أن ننطلق كما نحب وكما يريد الله منا، ونحن أسرى لماضٍ مرعب يعشعش في خلايانا؟
إن الله أراد بك خيرا في مصيبتك بالزواج من هذا الرجل، ثم الطلاق منه لقول رسول الله (صلى الله عليه سلم) : "من يرد الله به خيرا يصب منه"، لكن جملتك: "ما زال بداخلي حقد قديم على زوجي السابق؛ لأنه امتص شبابي وأضاع حياتي" قد تضيع أجرك؛ لأنك لست راضية تماما بقضاء الله؛ إذ لا يحصل في الكون شيء إلا وهو في سابق علم الله سبحانه وإرادته.
فهلا نسيت الماضي وتعاملت معه على أنه بنك للمعلومات تستفيدين منه دون أن تجعليه سجنا تعيشين فيه؟ ألم تستفيدي من تجربتك السابقة -رغم ألمها- الشيء الكثير؟ أنت قادرة الآن على عدم الخضوع لرأي أهلك على الأقل؛ فأنت حرة في نفسك تماما في الوقت الذي تعيش فيه الكثيرات تحت ضغط الأهل أو الزوج.
ثم هلا خففت وقع المصيبة على نفسك بتخيلها لو أنها كانت أكبر: لو أنك أنجبت من هذا الرجل، هل تتخيلين كم يكون قرار الطلاق صعبا حينها؟ وكم مرة كنت ستفكرين قبل أن تحرمي أطفالك من حضن الأسرة؟ وكم ستعيشين في بؤس؛ لأنك مضطرة أن تصبري لأجل أولادك كما هو حال الكثيرات؟