إن جوهر قانون التأمين الصحى الجديد – بالرغم من العناوين المعلنة- هو الانتقال من التأمين الصحى الاجتماعى الموجود حاليا بشكل أو بآخر إلى التأمين الصحى التجارى. و ينطلق التأمين الصحى الاجتماعى من مسئولية المجتمع عن صحة مواطنيه، ومن حق المواطن فى الصحة، و كذلك من مفهوم الصحة كمقدمة ضرورية للتنمية و كنتيجة لها فى آن معا. أما التأمين الصحى التجارى فينطلق من أولوية حافز الربح، و حق القطاع الخاص فى الانفراد بتقديم الخدمة الصحية، و إعطاء الأولوية لتوازن إيرادات و مصروفات التأمين و الصحى رغم تحميلها بأرباح القطاع الخاص المنفرد بتقديم الخدمة.
و السياق الذى يأتى فيه مشروع قانون التأمين الصحى الجديد هو التحولات الاجتماعية الجارية فى سياق الخصخصة و سيادة مبدأ الربح و توفير الاحتياجات لمن يملك الثمن و ليس لمن يستحق و بالتالى انسحاق الضعفاء تحت وطأة قوانين سوق لا ترحم.
و إذا كان هذا ليس مجال الحديث عن التحولات الجارية فى المجتمع، فإن تطبيقه فى مجال الصحة بشكل خاص يمثل مشكلة اجتماعية خطيرة بكل المقاييس حيث تتراوح نسبة أفراد مجتمعنا الواقعة تحت خط الفقر بين النصف و ثلاثة الأرباع وفقا لمختلف الدراسات المعلنة بما فيها الدراسات الحكومية.
لهذا فإننا فى جمعية التنمية الصحية و البيئية ندعو جميع المهتمين بالصحة فى بلادنا و جميع المهتمين بالعمل العام بالتصدى لمناقشة القانون و الدعوة لعدم تغيير القانون الحالى إلا بعد فتح أوسع حوار اجتماعى حوله و توفير الضمانات فى أى قانون جديد لتحقيق هدف حقوق المواطنين فى الصحة و العلاج.